قعدت له وصحبتي بين ضارجٍ ... وبين العذيب بعد ما متأمل
وفي البرق معنى الشوق والذكرى. وقد نتعلم أنه لقد وقف واستوقف في البداية من أجل الشوق والحنين والذكرى. وقد صار بعد شيم البرق إلى المطر والسيل الذي غمر ولم يدع إلا ذرا رأس المجيمر وجوانب ثبير ومن الأطم المشيد بالجندل، ولعله لم يكن ثم أطم مشيد بجندل أو لبن ولكن هذا زعم زعمه الشاعر وجعله مثلًا أنه لو كان ثم أطمٌ غير مشيد بجندل لا جتيح، إذ لم يبق لشيءٍ من أثر غير غناء الطير الصادح وغير أطراف جثث السباع، أطراف جثث السباع هذه التي كأنابيش العنصل أي البصل البري، كأنها صدىً يجاوب: وقوله في أوائل القصيدة:
ترى بعر الآرام في عرصاتها ... وقيعانها كأنها حب فلفل
كلا التشبيهين مأخوذان من أشياء يومية ومشاهدة.
والسيل فيه معنى من الرمز يومئ إلى دموع الشاعر حيث قال:
ففاضت دموع العين مني صبابة ... على النحر حتى بل دمعي محملي
وقوله:
كأن السباع فيه غرقى عشيةً ... بأرجائه القصوى أنابيش عنصل
يصلح بعده أن تنشد:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل
فترد آخر القصيدة إلى أولها. فهذا لعله مما يوضح ويشرح قول ابن رشيق:«فلم يجعل لها قاعدةً كما فعل غيره»، فقوله «قاعدة» مأخوذ من ألفاظ الحساب والرياضيات أو منظور فيه إليها، وليست للدائرة قاعدة، وقول ابن رشيق «ويبقى