وردت وما أدري أما بعد موردي ... من الليل أم ما قد مضى منه أكثر
فقمت إلى مغلاة أرضٍ كأنها ... إذا التفتت مجنونة حين تنظر
مغلاة الأرض هي الناقة جعلها كالمغلي بكسر الميم وهو السهم الذي يرمى به في تقدير المسافات.
تنازعني حرصًا على الماء رأسها ... ومن دون أن تهوى قليب معور
أي بئر أفسد ماؤها بردم أو نحوه.
محاولة للماء لولا زمامها ... وجدني لها كادت مرارًا تكسر
فلما رأيت الضر منها وأنني ... ببلدة أرضٍ ليس فيها معمر
قوله كادت مرارًا تكسر أي تتكسر والضمير يعود على نواحي الحوض الذي يستقي عنده عند جانب البئر، لم يذكره من قبل ولكن موضع الضمير لا يخفى، كقوله تعالى:{حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} في سورة صاد أي الشمس، ولم يسبق لها ذكر لمكان العلم بها والمعصر ما يعتصر به وينتفع ومن فسر المعصر بالملجأ فقد يكون له وجه وما ذكرنا أضوب إن شاء الله وصيغة افتعل يجيء فيها فعل بتشديد العين مفتوحة ويجوز في الفاء الفتح والكسر وهي لقريش لغة ومنها في القرآن حرفان في يونس ويس.
قصرت لها من جانب الحوض منشأً ... جديدًا كقاب الشبر أو هو أقصر
أي حتى لا يتكسر جانب الحوض بجذابها وح لا يضربها العطش. وذلك أن القليب كان معورًا فأنشأ حوضًا صغيرًا، واحتفر ما كان مدفونًا من القليب واستقى منه بقعب جعله كالدلو وجعل حبله بعض سيور الرحل والزمام، قالوا والإبل تعاف الماء المتغير الكريه، فهذه الناقة لضرها لم تعف.
إذا شرعت فيه فليس لملتقي ... مشافرها منه قدى الكف مسأر