للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسأر من أسأر أي أبقى وترك فضلة في الإناء، يصف بهذا قلى الماء وضحالته فالحوض الذي أنشأ لهات مع شدة عطشها.

ولا دلو إلا القعب كان رشاءه ... إلى الماء نسع والأديم المضفر

القعب إناء أظنه ههنا من خشب أو قرع والنسع بكسر النون السير والأديم الجلد وعني بالجلد المضفور هنا سيور الرحل ونحوها.

فسافت وما عافت وما رد شربها ... عن الري مطروق من الماء أكدر

وهذا بيت الختام الذي ذكرناه من قبل وينظر فيه، كالإشارة، إلى قول علقمة وكان عند العرب وعند قريش مرويًّا:

ترادى على دمن الحياض فإن تعف ... فإن المندى رحلةٌ فركوب

وعلقمة صنع هذا بناقته إذ كان قد أعلمها في أمر من أمور الجد، فابن ربيعة عد غزوة الغواني لها مثل هذا المقدار من الجد حتى إنها قد أفنت لحم ناقته وشحمها -ولا يعقل أن بعد مضارب حسنائه كان كبعد ديار الحرث الغساني بالشام من اليمامة والدهناء وديار بني تميم التي منها بدأ علقمة رحلته.

وأوردنا أبيات عمر هذه لننبه على وصفه للناقة والورد وإنه قد جعله نهاية وخاتمة وأن موضع ذلك حيث وضعه صحيح، إذ عادة الشعراء أن يجعلوا الرحلة بعد الغزل، إما باللحاق بالمحبوبة التي بانت وأما للتسلي عن الحب الذي فات أو أنه كما صنع علقمة:

فدعها وسل الهم عنك بجسرةٍ ... كهمك فيها بالرادف خبيب

واما ليجزي هجرانًا بهجران كما فعل لبيد في المعلقة:

فاقطع لبانه من تعرض وصله ... ولشر واصل خلةٍ صرامها

<<  <  ج: ص:  >  >>