للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحب المجامل بالجزيل وصرمه ... باقٍ إذا ضلعت وزاغ قوامها

بطليح أسفار تركن بقية ... منها فأحنق صلبها وسنامها

وقد قضى الشاعر ههنا لبانته من الحب فلم يبق إلا أن يصبح الحي ويعرف مكانه وفي ذلك المكروه، أو ينجو، والنجاء بالناقة، صنع ذلك عبد بني الحسحاس في اليائية.

عميرة ودع إن تجهزت غاديا ... كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا

واتبع مذهبه ابن أبي ربيعة ههنا. ومن الخير أن يتنبه إلى وصف ابن أبي ربيعة للناقة والمشرب والرحلة ههنا من عسى أن يحسب أن صاحب مغامرة:

أمن آل نعم أنت غاد فمبكر ... غداة غدا أو رائح فمهجر

لا يعقل أن يكون زارها على ناقة أو بعير، ومن يسارع فيزعم أن وصف ناقة طرفة كله منتحل، انتحله المسجديون في البصرة والكوفة ونحو ذلك.

هذا وقد اتبع ذو الرمة طريقة عمر -وقد ذكرنا أنه اتبع طريقة الحسحاسي على أن أصل المذهب قديم، تجد منه عند المرقشين -وذلك عند القافية حيث جعل آخر كلامه شربًا وورودًا كما صنع عمر وهو قوله:

فأدلى غلامي دلوه يبتغي بها ... سقاط الصدى والليل أدهم أبلق

سقاط الصدى أي ما يسقط الصدى أي يبل العطش، ويروي شفاء الصدى.

فجاءت ينسج العنكبوت كأنه ... على عصويها سابريٌّ مشبرق

وقد ذكر ابن أبي ربيعة مبتنى العنكبوت كما رأيت. وجعل ذو الرمة الشرب والورود ههنا لنفسه وغلامه والناقة واقتصر ابن أبي ربيعة على الناقة إذ لا يخفى إنه قد صدر ريان من عند الحبيبة، فما أصاب من ظمأ في الصحراء ينسبه إلى الناقة إذ لا يحسن أن ينسبه إلى نفسه وإن يك قد أحس به.

<<  <  ج: ص:  >  >>