للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا مشعر بالنهاية دال عليها، ثم في ذكره النجاح والمطالبة كالرجعة والإشارة إلى بيت المطلع وهو قوله:

هن عوادي يوسف وصواحبه ... فعزمًا فقدمًا أدرك النجح طالبه

والوقفة عنده نريد لقوة صلة مذهب أبي تمام فيه بما قدمناه من عادة الشعراء أن يذكروا الناقة والرحلة بعد النسيب والغزل سواء أكان ذلك للحاق أم لاستمرار الهجر أم للتسلي أم لأرب من آراب الجد أم كالنهاية لما تقدم من قصة الحب كما رأيت عند ابن أبي ربيعة وما أشبه هذا بما صار إليه مؤلفو ألف ليلة وليلة من بعد حين يقولون بعد الخاتمة «حتى أتاهم هادم اللذات وهازم المسرات»، تأمل قول عمر بعد أن قال «هنيئًا لأهل العامرية إلخ»:

وماءٍ بموماة قليلٍ أنيسه ... بسابس لم يحدث به الصيف محضر

أليس هذا بؤسًا بعد نعيم؟

هذا وبيت أبي تمام الذي قدمنا من فخمات مطالعه ولم يبال أن يركب فيه الخرم على مذهب القدماء إذ ذلك مما يقع فنظمهم. وزعم الآمدي إن هذا من رديء ابتداءاته من أجل الإضمار قبل الذكر ومن أجل ما يبدو من شبه خفاء المعنى. قال التبريزي وانتصر لأبي تمام وأحسب أن هذا قد كان فرعًا من انتصار شيخه أبي العلاء لأبي تمام، قال: «وليس الإضمار قبل الذكر بعيبٍ إذا كان المعنى مفهومًا، لأن هذا المعنى مأخوذٌ من الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرضه الذي مات فيه وهو يعني النساء: انكن صويحبات يوسف. قالوا وكان أبو سعيد الضرير وأبو العميثل العرابي على خزانة الأدب لعبد الله بن طاهر بخراسان، وكان الشاعر إذا قصده عرض عليهما شعره، فإن كان جيدًا عرضاه أو دعي به فأنشده، وإن كان رديئًا نبذاه ودفع إلى صاحبه البرد على غير الشعر فلما قدم أبو تمام على عبد الله قصدهما ودفع القصيدة إليهما فضماها إلى أشعار الناس، فلما تصفحا الأشعار

<<  <  ج: ص:  >  >>