نفسها حديث ذو شجون، هي نفسها كلام وحديث متنوع، قوله إنها لتبين، فكأنه توضيح وضحه به يقول فيه لا تعجب من أنها حديث ذو شجون فإنها على عجمتها مبينة ناطقة بلسان. قال زهير:
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم
ثم لما تبينها وعرف معالمها قال:
فلما عرفت الدار قلت لربعها ... ألا أنعم صباحًا أيها الربع وأسلم
وهذا يتضمن زعمًا من زهير أن الربع يسمع تحيته. وقال لبيد:
فوقفت أسألها وكيف سؤالنا ... صمًّا خوالد ما يبين كلامها
فكأن حبيبًا هنا ينقض قضية لبيد. وقال عنترة:
يا دار عبلة بالجواء تكلمي ... وعمي صباحًا دار عبلة واسلمي
وقال أيضًا:
أعياك رسم الدار لم يتكلم ... حتى تكلم كالأصم الأعجم
يروي هذا البيت في ميميته، ومثله، ومثل معناه، صح لعنترة أو لم يصح، لم يكن ليخفى عن أبي تمام، ولعله نظر إليه.
ذكر التخصير والتلسين في بيته «حذيت حذاء الحضرمية إلخ» لا ريب يشير به إلى قول أبي نواس:
إليك أبا العباس من دون من مشى ... عليها ركبنا الحضرمي الملسنا
قلائص لم تسقط جنينًا على الوجى ... ولم تدر ما قرع الفنيق ولا الهنا
أي هذه الحضرميات الملسنات قلائص (جمع قلوص أي الناقة الشابة، ولكنهن لسن من الإبل، لم يعرفن قرع الفحل ولا الطلاء من الجرب. الفنيق