للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفحل والهنا بكسر الهاء كالهناء بوزن الكتاب وهو طلاء الإبل بالقطران من الجرب، ويعجبني من هذه النونية قوله:

أطال قصير الليل يا رحم عندكم ... فإن قصير الليل قد طال عندنا

ولا يعرف الليل الطويل وهمه ... من الناس إلا من تنجم أو أنا

أي إلا من سهر الليل مهمومًا أو عاشقًا يرعى النجوم وإلا أنا إذ أنا عاشق محروم ومهموم.

وقال أبو تمام:

خذها ابنة الفكر المهذب في الدجى ... والليل أسود رقعة الجلباب

بكرًا تورث في الحياة وتغتدي ... في السلم وهي كثيرة الأسلاب

ويزيدها مر الليالي جدةً ... وتقادم الأيام حسن شباب

وقال:

لم تسق بعد الهوى ماء على ظمأٍ كماء قافيةٍ يسقيكها فهم

بكسر الها أي ذو فهم، والساقي ذو الفهم هو الشاعر ينشد العاشق المحرور فيفثأ من حرارة ظمئه بما يودعه القلب من الأشجان التي تنفسح لها الدموع فيخفف ذلك من حرارة اللوعة والظمأ إلى الوصال.

من كل بيت يكاد الميت يفهمه ... حسنًا ويحسده القرطاس والقلم

إذا أنشد لأن لرنته من المنشد الفهم (بكسر الهاء) ما يتغلغل من المعاني في الفؤاد بأكثر مما ينبعث من خط القرطاس والقلم. ولا يخلو معنى قوله: «كماء قافية بسقيكها فهم» من القصدالي معنى الغناء. وكما ذو الفهم هو الشاعر، يكون أيضًا هو المغني الحاذق. وكان لأبي تمام بالغناء ولع وطرب.

مالي ومالك شبه حين أنشده ... إلا زهير وقد أصغى له هرم

<<  <  ج: ص:  >  >>