للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الستر" بهذا الافتتاح النسيبي القديم إلا لغاية في نفسه. وما أستبعد أنه بذكره للهودج وللزمام وما إلى ذلك من نعوت الظعائن، كان يكني عن إعجاب أحسه بجمال أم المحسنين ولم يجد إلى ذكره صريحا من سبيل، بل لو صرح به لعد ذلك عليه من سوء الأدب. وما قرأت مطلع هذه القصيدة وتأملت فيه إلا تأكد عندي أن شوقيا إنما كان يتغزل في الأميرة، ولم يكن مقلدًا فحسب، ورجعيا أعمى في رجعيته.

ولم يقف إحياء شوقي للرمل على استعمال الطويل منه وحده، فله من القصير عدة كلمات في ديوانيه الأول والثاني وإن كانت كلها من النوع الوسط.

والرمل اليوم بنوعيه القصير والطويل -شكرًا لشوقي- بحر الشعر الركوب. وكأن الناطقين بالضاد استحالوا كلهم ملنخوليين باكين دامعين. تأمل الأمثلة الآتية (١):

ربما جدد أو هاج لنا ... نبأ أو قصة من حبنا

نوح ورقاء أرنت حولنا ... أو شجى قبرة مرت بنا

أو خطا إلفين في فجر الصبا ... أترعا كأسهما من ذوبه

أو صدى راع على تلك الربا ... صب في الناي أغاني حبه

حلم مثلته في خاطري ... فعشقت الخلد في هذا الرواء

أنكروه فحكوا عن شاعر ... جن بالخمر وأعوته النساء

ولقد قالوا شذوذ مغرب ... وإباحية لاه لا يفيق

آه لو يدرون ما يضطرب ... بين جنبيك من الحزن العميق

أولا يغرب في نشوته ... شارب الغضة في اليوم الأخير

أولا يمعن في نشوته ... مسلم الجسم إلى الدود الحقير


(١) ليالي الملاح التائه، راجع ٢٤ - ٢٦.
(٢) نفسه ٥ - ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>