للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن هذا الذي ادعى له المرزوقي الإجماع ليس خاصًا بالعرب وحدهم -إلا التقفية- إذ هو يصدق مثلًا على شعر كثير غيرهم من الأمم. إن هذه الأمور التي ذكرها إنما هي أبواب الجودة والبلاغة، ولا يعقل أن يكون قولهم عمود الشعر اصطلاحًا ثم يكون من بعد لا مدلول له إلا البلاغة والجودة.

هذا ولو تأملت الأشياء السبعة التي ذكرها أبو على المرزوقي رحمه الله وجدتها كلها راجعة إلى ما ذكره الجاحظ وابن قتيبة وقدامة. الشرف من ابن قتيبة وأسبق (١) وكذلك أمر اللفظ والمعنى منه ومن الجاحظ والالتحام والالتئام من نظم الجاحظ واقتضاء اللفظ والمعنى بعد تشاكلهما للقافية من قدامة. وقد يعلم القارئ الكريم أن قدامة كره أن يستخرج ستة ائتلافات من عناصره الأربعة وزعم أن القافية داخلة في مدلول اللفظ. ثم كره أن يجعل ائتلافاته ثلاثة وهو يعلم أن ائتلافات العناصر الأربعة - (الماء والهواء والنار والتراب) - من أمزجة أربعة: (البلغم والدم والسود والصفراء) فلعله والله أعلم -حرص على أن تكون امتزاجات ائتلافاته أربعة فجعل للقافية ائتلافًا خاصًّا مع المعنى ومثل لما يعاب منه بقول أبي عدي القرشي:

ووقاك الحتوف من وراث وا ... إلى وأبقاك صالحًا رب؟

ولعل المرزوقي رحمه الله جعل أبوابه سبعة - (؟ ؟ له أنه لم يدع في ذكرها ولا معرفتها لنفسه سبقًا) - للتبرك بعدد السبعة إذ هي كما ذكرها أكثر من سبعة. وماذا كان عليه لو جعلها اثني عشر بابًا كما وردت في سبقها فإن الاثني عشر عدد فيه بركة كما فيه مراعاة لأهل الطبيعة والفلك إذ البروج اثنا عشر ١) شرف المعنى ٢) وصحته ٣) وجزالة اللفظ ٤) واستقامته. ولا يخفى أن الصحة


(١) () إن شئت رددت الشرف إلى الكاتب المجهول لونفينس. ورب زاعم أنه كان عربيًّا من أهل تدمر زمان ملكيًّا فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>