المعنى معها لأن «صداقته» أدق وأصح ههنا. ولعلب أبا الطيب قد نظر إلى قول بشار:
وصاحب كالدمل الممد ... حملته في رقعة من جلد
أرقب منه مثل يوم الورد (١)
حتى مضى غير فقيد الفقد ... وما درى ما رغبتي من زهدي
غير أنه زاد عليه. واحسبه -والشيء بالشيء يذكر- أخذ من بشار «ارقب منه مثل يوم الورد» في بيت الحمى المشهور:
أراقب وقتها من غير شوقٍ ... مراقبة المشوق المستهام
وعاب ابن الأثير جحيشًا في البيت:
يبيت بموماة ويمسي بغيرهما ... جحيشًا ويعروري ظهور المهالك
وهو من كلمة تأبط شرًّا التي مطلعها:
وإني لمهدٍ من ثنائي فقاصد ... به لابن عم الصدق شمس بن مالك
وقد كان من مذهب ابن الأثيران الشعراء يجوز لهم ما لم يكن يرى أن يجوز للكتاب من استعمال الغريب، ومع هذا أنكر هذا اللفظ على تأبط شرًا وزعم أنه قبيح وأن الشاعر لو قال «فريدًا» لكان أصوب وأجود إذ هي بمعنى قوله «جحيشًا» ومن تأمل الأبيات وتذوقها لم يشك أن «فريدًا» لا تصلح ههنا، لا من حيث الرنة ولا الجرس ولا المعنى ولا التصوير. وفي لفظ الجحيش صورة فحل حمر الوحش الذي
(١) () الورد بكسر الواو هو ما نسميه الوردة بكسر الواو أي الحمى الغبية التي تغب يومًا أو يومين ثم ترد موردها من جسمك وهي التي يقال لها الملاريا الآن.