فهذا أقرب إلى رنة «ملقي لجام» وإلى: «يشق الماء جؤجؤها ويعلو» ولقوله «جؤجؤها» ههنا صدى يجاوبه وظل يلوح منه في قوله:
فأبقي باطلي والجد منها ... كدكان الدرابنة المطين
الدرابنة البوابون ودكانهم الدكة التي يجلسون عليها عند الأبواب وتأمل بعد قوله:
يجذ تنفس الصعداء منها ... قوى النسع المحرم ذي المتون
فهذه تنفسة ذات حرارة. وهي تنفستها عندما بركت بعد السير لترتاح ويرتاح راكبها قليلًا- قوله بعد هذا البيت تصك الحالبين إلخ. ليس بعد تنفس الصعداء هذا منها، ولكنها رجعة من الشاعر إلى صفة السير الذي كنى به عن مجازاته منعًا بمنع وهجرانًا بهجران. ثم هو قد كنى بقوله «تنفس الصعداء منها» عن تنفسه هو الصعداء- وقد كرر المعنى وهو هنا صدًى متقدم منه في قوله من بعد:
إذا ما قمت أرحلها بليلٍ ... تأوه آهة الرجل الحزين
فهذه الآهة هي الصعداء التي تجذ قوى الحبل المحرم ذي المتون ثم قوله هذا «إذا ما قمت أرحلها» - فيه صفة حالٍ متقدمة على الذي كان فيه من نعت الرحلة والسير، وقد خلع بعض روح تساؤله هو على الراحلة حيث قالت:
أهذا دينه أبدًا وديني
وظاهر الكلام أنه سار بها وهي كمطرقة القيون ثم استراح واستراحت وذلك قوله:
كأن مواقع الثفنات منها ... معرس باكرات الورد جون
أي بركت قبيل الفجر وتركت ثفناتها الخمس كمثل آثار القطا، ومن عادة