وإذا تعاورت الأكف زجاجها ... نفحت فنال رياحها المزكوم
وقال علقمة في صفة أبريق الخمر:
كأن أبريقهم ظبي على شرفٍ ... مفدم بسبا الكتان مرثوم
والمرثوم هو الدامي الأنف وإنما جعل الأبريق دامي الأنف للون الخمر والغزال هو المحبوبة لقوله:«كأنها رشأٌ في البيت ملزوم»، وقوله (على شرف) ههنا مقابل ومناوح لقوله (في البيت) هناك. والفدام للخمر كما لا يخفى. والمرثوم من صفة الحسناء لأنها تضع نقطة العطر الحمراء على أنفها. وفي وصف الخمر لعلقمة قبل هذا البيت قوله:
ظلت ترقرق في الناجود يصفقها ... وليد أعجم بالكتان مفدوم
فمفدوم فيها صوت مفدم وصداها، ووليد أعجم أعطاه الشاعر ههنا صفة الأبريق الذي عليه سبائب الكتان، وفي صفة الأبريق أيضًا قوله:
أبيض أبرزه للضح راقبه ... مقلد قضب الريحان مفغوم
وهذا البيت صدًى من قوله:
يحملن أترجةً نضخ العبير بها ... كأن تطيابها في الأنف مشموم
لمكان تفشي أريج العطر الطبيعي فيها، هناك الريحان وهناك الأترج- وقد مر التنبيه على مكان طيب الأنف وشفاء الزكان ونقطة الحسناء. وهذا وفي آخر القصيدة نعت الجمال بكسر الجيم:
تتبع جونًا إذا ما هيجت زجلت ... كأن دفًّا على العلياء مهزوم