وهذا المعنى في تشبيه حنين الإبل بصوت الدف والناي متكرر في الشعر الجاهلي، وعليه قول عنترة:
بركت على جنب الرداع كأنما ... بركت على قصبٍ أجش مهزم
والعجب للزوني يقول كأنما بركت هذه الناقة على قصب متكسر له صوت زعم بعضهم فيما روى أن عنترة شبه تكسر الطين اليابس الذي نضب عنه الماء بصوت تكسر القصب (راجع شرح المعلقات للزوني طبعة مصطفى البابي الحلبي ١٣٧٩ هـ- الهامش ٣ ص ١٥٥).
وقال جابر بن حني التغلبي صاحب امرئ القيس إن كأنه:
وصدت عن الماء الرواء لجوفها ... دويٌ كدف القينة المتهزم
وقال علقمة وهو من موضوعات الرنة والترنيم والتهزم المتكررة في ميميته، وهو البيت التالي لما تقدم في صفة الإبل في آخر القصيدة:
إذ تزغم من حافاتها ربعٌ ... حنت شغاميم في حافاتها كوم
والربع هو الصغير من الإبل، وبكاؤه ههنا وبكاء الشغاميم وهي الحسان الطوال من الإبل، له صدًى وصوت يجاوب قوله في أول القصيدة:
أم هل كبير بكى لم يقض عبرته ... أثر الأحبة يوم البين مشكوم
الباكي ههنا صغير في بكائه، كبير في لوعته ونضج سنه وتجاربه، يبكي على أثر الذاهبين من الأحبة. والمتزغم صغير تجاوبه كبار. وتأمل قوله حافاتها في صدر البيت وعجزه.
وقد مرت الحافة مفردة يصف الناقة الدهماء التي يستقي عليها فتسقى مذانب قد زالت عصيفتها: