وكير القين فيه معنى من الفيئة لأنه يتطاير منه الشرر وللقين كما لا يخفى سندانٌ (بفتح السين). وتقليم السنابك إنما يصنعه القين. والسنابك فيها من معاني الصلابة والقوة.
وقال علقمة يصف سفره أيام الفخر والقوة:
وقد علوت قتود الرحل يسفعني ... يوم تجيء به الجوزاء مسموم
والأكلف في خديه حمرة وسواد وتلك هي السفعة، فهذا يقوي ما ذهبنا إليه من أن الأكلف كناية عنه. وقتود الرحل فيه عودة إلى قتب الدهماء وحزامها. وقد قدمنا أن في جعل الأكلف في أخريات القصيدة كالعودة إلى معنى الدهماء العاملة التي في أولها والأكلف فحل هادٍ مقرمٌ مكرم.
والسفعة والحر والسموم كل ذلك يقابل الرذاذ والغيم والبستان والعصيفة والأترجة ذات الطيب والرشأ الملزوم في الدار.
حام كأن أوار النار شاملة ... دون الثياب ورأس المرء معموم
هذا الحامي الذي كأن أوار النار شاملة فيه عودة إلى معنى القين وكيره الملموم:
كتر كحافة كير القين ملموم
لفظ الحامي فيه عودة إلى هذا. وقوله «كأن أوار الناس شاملة» فيه عودة إلى قوله:
قد أدبر العر عنها وهي شاملها ... من ناصع القطران الصرف تدسيم
(أدبر العر عنها) تقابلها (زالت عصيفتها) والتدسيم كالتدميم في قوله:
كأنه من دم الأجواف مدموم
إذ هو طلاء، والدسم والدم معنويًّا بينهما صلة كما في رنة اللفظ مشابه.