لو أنها عرضت لأشمط راهبٍ ... عبد الإله صرورةٍ متعبد
لرنا لبهجتها وحسن حديثها ... ولخاله رشدًا وإن لم يرشد
ونحو:
عشية سعدى لو تبدت لراهبٍ ... بدومة تجرٌ دونه وحجيج
قلى دينه واهتاج للشوق إنها ... على الشوق إخوان العزاء هيوج
وقال الشنفري:
فدقت وجلت واسبكرت وأكملت ... فلو جن إنسانٌ من الحسن جنت
ونظر الشنفري كما لا يخفى إلى قول امرئ القيس:
إلى مثلها يرنو الحليم صبابةً ... إذا ما اسبكرت بين درعٍ ومجول
وعجيب قوله:«تسلت عمايات الرجال» لأن فيه «عمايات» وهي ظلام يناسب الممسى والعشاء والظلام قبلها وموازنة للغواية من قولها له: «وما إن أرى عنك الغواية تنجلي» ورواه بعضهم «العماية» ووروده هنا يقويه ولعله كلتيهما قال. ثم هذه العماية التي هي ظلام هي نفسها تضيء له الظلام لأن قلبه بها مفعم. وهي تثير الدموع والشفاء بالذكرى ورؤيا المنارة التي تزيل الظلام. و «الصبا» بلا ريب ضياء لأنه يرنو إلى «مثلها»«صبابة»«إذا ما اسبكرت بين درع ومجول» هذا الذي عبر عنه الشنفري بأنه فوق حال البشر: «فلو جن إنسانٌ من الحسن جنت».
ولا يخفى ما في «تسلت» و «منسل» من رجع أصداء: «فسلى ثيابي من ثيابك تنسل» وقد قلنا قبل أن «ألا رب خصم فيك ألوى رددته» فيها مجاوبة ومقابلة لقوله «تجاوزت أحراسًا» وكان ذلك ليلًا.