للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأطلس مخلق السر بال يبغي ... نوافلنا صلاحًا أو فسادا

كأني إذا نبذت له عصامًا ... وهبت له المطية والمزادا

فذكر «عصامًا» وما أرى أنه ذكره إلا وهو يريد إشارة إلى عصام امرئ القيس والبيت في رواية التبريزي لشرح العشر وعن أبي العلاء أخذ التبريزي وخلاف المعري للأصمعي في أمور قد ألمعنا إليه ولا شك أنه ما خلا من غمز حيث قال: «والأصمعي ينشدهم من الشعر ما أحسن قائله كل الإحسان» والله أعلم.

سابع عشر: حديث الصعلكة:

وقربة أقوام جعلت عصامها ... على كاهل مني ذلولٍ مرحل

ووادٍ كجوف العير قفرٍ قطعته ... به الذئب يعوي كالخليع المعيل

فقلت له لما عوى إن شأننا ... قليل الغنى إن كنت لما تمول

كلانا إذا ما نال شيئًا أفاته ... ومن يحترث حرثي حرثك يهزل

وإنما جئنا ببيت القربة من قبل لنبين صلته بما قبله من حيث المعنى. وقوله:

وواد ٍ كجوف العير قفرٍ قطعته ... به الذئب يعوي كالخليع المعيل

فيه إيقاع: «وليل كموج البحر أرخى سدوله» سواء بسواء. ولعمرك هذا مما يصححه لامرئ القيس ومع الإيقاع ظلال المعاني والإيحاء إذ بين «أرخى سدوله» و «قفر قطعته»، نوع من طباق ومقابلة وموازنة، ثم كلمة «العير» مفردة كما كلمة «البحر» مفردة. وجوف العير مكان خالٍ مخيف والوجه في تفسيره ما ذهب إليه ابن الكلبي أنه واد سلط الله عليه نارًا فخلا، والجوف من كلمات اليمن يقولونها للواد، وأشياء البراكين مما تقع في جزيرة العرب وما بمجراها من كوارث الطبيعة. قال تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>