والرواح يكون بالعشية فهذا قريب من معنى إضاءتها بالعشاء، وقوله «فبات عليه سرجه ولجامه» أي بات رفيقًا له، وهذا يقابل صاحبة «بطن خبت ذي حقافٍ عقنقل». ههنا ضوء سببه قوة إشعاع الذكرى، ذكرى الشباب والصيد والجواد الجميل وذلك الوجه الحبيب الجميل. وذكر الجواد وإفراده بالوصف يمهد لذكر شيم الشاعر البرق ودعوته أصحابه ليشيموا ليروا أين يصوب، وثم يرودون بالجياد ويصيدون الهاديات وينعطفون إلى ود الغانيات.
الحادي والعشرين: صفة البرق وعموم ضوء البرق:
أصاح ترى برقًا أريك وميضه ... كلمح اليدين في حبي مكلل
يضيء سناه أو مصابيح راهب ... أمال السليط بالذبال المفتل
قعدت له وصحبتي بين ضارج ... وبين العذيب بعدما متامل
هنا امرؤ القيس وأصحابه قعود من أجل البرق الذي هو ضوء الماضي بشبابه وأحبابه وذكرياته الحسان. وفي أول القصيدة قد وقف واستوقف وبكى واستبكى.
الثاني والعشرين: تتابع تفاصيل صور الذكريات مع وصف السيل -جذع النخل- الآطام الشيخ ذو البجاد -فلكة المغزل- اليماني ذو العياب.
الرابع والعشرين: الكير تصدح والسباع غرقى كأنها بقايا عروق من خشاش الأرض ودارت القصيدة من حيث بدأت، موقف عند مكان قفر كانت فيه ذكريات، بكاء وشفاء بالدموع والتذكر، قفر شاسع الأرجاء، وبحر سيل غمر كل شيء.
كأن السباع فيه غرقى عشيةً ... بأرجائه القصوى أنابيش عنصل
غير أن الطير تصدح. هذا الغناء الثمل هو سر الشعر. بكى الشاعر ثم غنى.