دعا الحجاج مثل دعاء نوح ... فاسمع ذا المعارج فاستجابا
وأشار إلى سورتين ههنا كما ترى.
وقال يهجو الفرزدق والبعيث:
إن البعيث وعبد آل مقاعس ... لا يقرءان بسورة الأحبار
وهي المائدة، وذلك أن فيها النهي عن الخمر والميسر -ويجوز أن يكون يشير إلى خبر الفرزدق إذ طالب معاوية بميراث الحتات بلا دليل وفي المائدة آية وصية الميت {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} الآية.
وقال في ابنة الحتات وهي من عمات الفرزدق، وهذا مما يقوي عندنا الوجه الذي تقدم:
قامت سكينة للفحول ولم تقم ... بنت الحتات لسورة الأنفال
لأن فيها قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} الآية.
والفرزدق وجرير قد اشتهرا بقول الشعر منذ زمان معاوية أول خلفاء بني أمية هذا، ولا يخفى ان أصحاب الغلو في قضية انتحال الشعر بلا هدًى ولا برهان، إنما أربهم أن يلقوا بظلل الريبة على نور الحضارة الإسلامية بأسره، متخذين من الشعر ذريعة وسلمًا فتأمل.
والغافلون منا هم الذين يفردون لهذا الأمر بابًا، مع العلم بأن العلماء الأقدمين قد نظروا ومحصوا ووقفوا عند كل قصيدة فشكوا في القصيدة وفي القطعة وفي البيت والبيتين وصححوا ما صح عندهم بعد التمحيص، وأدنى نظر في سيرة ابن