الفرس على العرب من أيام بني العباس إلى أيام بني أمية، فتضطرب النظريات الشعوبية بذلك أيما اضطراب.
وما كانت صلة العرب بمدينة الفرس ومن جاورهم من الأمم بضعيفة على أيام الجاهلية وهذا باب واسع.
والأصوات المائة المختارة التي عليها مدار كتاب أبي الفرج إنما كانت أكثرها مما تغنى به معبد والغريض وابن سريج ومشاهير العصر الأموي من أشعار الأولين وكان اختيارها أيام دولة الرشيد. وإسحق الموصلي والإبراهيمان إنما كانوا هم ونظراؤهم من معاصريهم جبلًا مقتديًّا بجبل الغناء الأموي الأول.
وذكر الأستاذ المستشرق فارمر في محاضرة له ألقاها بمعهد اللغات الشرقية من جامعة لندن في أواخر الأربعين أن إسحاق الموصلي كان يتقن ما يسمى عند الموسيقيين بالتأليف المحكم في تفاصيل له بعد عهد الذاكرة بها. وعسى أن يفسر بعض هذا من قوله شيئًا من قول أبي نصر الفارابي في الموسيقا الكبير:«وقد بينا في كتاب المدخل وصناعة الموسيقى أن الصناعة الشعرية هي رئيسة الهيئة الموسيقية، وكانت غاية هذه أن تطلب لغاية تلك، فلذلك ينبغي أن تقرن بالألحان المؤلفة فقط أقاويل، وتقرن بالأقاويل ألحان مؤلفة، حتى تصير الحروف التي ركبت منها تلك الأقاويل فصولًا لنغم الألحان. ولا فرق بين أن يتقدم فيعمل لحنٌ من نغم إنسانية ثم يقرن بها بعد ذلك حروف كتبت منها أقاويل وبين أن تعمل أقاويل ثم تجعل حروفها فصولًا في نغم».
قال محقق كتاب الموسيقا الكبير في حواشيه الجيدة المنبئة عن علم وفضل غزير في الهامش ١ من ص ١٠٩٣:«المؤلفة من النغم فقط أي التي تؤخذ من التصويتات الإنسانية دون ان تقرن بالأقاويل أو التي تؤخذ عن نغم الآلات مما يمكن أن تقرن بها أقاويل دالة على معان». أ. هـ.