وقال تعالى:{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}[الإسراء] وإنما يكون بعضهم ظهيرًا لبعض وإنما يعين بعضهم بعضًا في هذا المجال لو جسروا على ذلك بتأليف ونظم. وقال تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٠١) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (١٠٢) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل]. وقال تعالى:{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}[فصلت] وقال تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ}[هود] وقال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الزمر].
حصر معنى النظم في اللفظ ههنا غير صواب. وأصل النظم من نظم الخرز والعقود والعرب كانت مما تشتبه الكلام الحسن باللؤلؤ المتساقط من سلك النظام كقول أبي حية النميري.
إذا هن ساقطن الحديث كأنه ... سقاط جني المرجان من كف ناظم
وقال المخبل فشبه تساقط الدمع باللؤلؤ:
وإذا ألم خيالها طرفت ... عيني فماء شؤونها سجم
كاللؤلؤ المسجور أغفل في ... سلك النظام فخانه النظم
حصر معنى النظم في جانب سرد الألفاظ وحدها غير صواب في ما نرى؛ لأن القرآن إنما راع العرب وأبلغهم الرسالة السماوية بنمط من أساليب بلاغتهم وبيانهم، ولسانهم ثم باين تلك الأساليب وذلك البيان شعره وترسله وسجعه بنهج قد تفرد به، لا يستطاع مثله، ولا يدرك سبره؛ لأنه معجزة ووحي من الله وتنزيل من