الكلمة خلل آخر لأنه عقب البيت بأن قال:«فهل عند رسم دارس من معول» ذكر أبو عبيدة أنه رجع فأكذب نفسه كما قال زهير:
قف بالديار التي لم يعفها القدم ... بلى وغيرها الأرواح والديم
وقال غيره أراد بالبيت الأول أنه لم ينطمس أثره كله وبالثاني أنه ذهب بعضه حتى لا يتناقض الكلامان. وليس في هذا انتصار؛ لأن معنى عفا ودرس واحد فإذا قال لم يعف رسمها ثم قال قد عفا فهو تناقض لا محالة واعتذار أبي عبيدة أقرب لو صح، ولكن لم يرد هذا القول مورد الاستدراك كما قاله زهير فهو إلى خلل أقرب. وقوله لما نسجتها كان ينبغي أن يقول، لما نسجها، ولكنه تعسف فجعل ما في تأويل تأنيث لأنها في معنى الريح والأولى التذكير دون التأنيث وضرورة الشعر قد قادته إلى هذا التعسف وقوله لم يعف رسمها كان الأولى أن يقول لم يعف رسمه لأنه ذكر المنزل فإن كان رد ذلك إلى هذه البقاع والأماكن التي المنزل واقع بينها فذلك خلل لأنه إنما يريد صفة المنزل الذي نزله حبيبه بعفائه أو بأنه لم يعف دون ما جاوره. وإن أراد بالمنزل الدار حتى أنث فذلك أيضًا خلل ولو سلم من هذا كله ومما نكره ذكره كراهية التطويل لم نشك أن شعر أهل زماننا لا يقصر على البيتين بل يزيد عليهما ويفضلهما. ثم قال:
وقوفًا بها صحبي على مطيهم ... يقولون لا تهلك أسًى وتجمل
وإن شفائي عبرة مهراقة ... فهل عند رسم دارس من معول
وليس في البيتين أيضًا معنى بديع ولا لفظ حسن كالأولين والبيت الأول منهما متعلق بقوله قفا نبك، فكأنه قال: قفا وقوف صحبي بها على مطيهم أو قال حال وقوف صحبي وقوله بها متأخر في المعنى وإن تقدم في اللفظ ففي ذلك تكلف وخروج عن اعتدال الكلام. والبيت الثاني مختل من جهة أنه قد جعل الدمع في اعتقاده