للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما ذكروه أن البعير ربما أريد به الحمار وحمل بعضهم عليه قول المولى سبحانه وتعالى في خبر يوسف عليه السلام: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} وقد مر بك خبر وصف حميد بن ثور لبعير محبوبته. وما ذكر مؤرخ أن أم قرفة لم خرجت في أهل الردة كانت على ناقة. ولا ذكروا في خبر أم المؤمنين رضي الله عنها أنها كانت يوم الجمل على ناقة، فهذا بيان واضح لما ذكره أبو عبيدة وقد كان بلغة العرب وبمذاهبهم أعرف وعنه يؤخذ، فالإنكار الذي أنكره عليه بلا دليل من رواية أو دراية مكابرة ليس غير. والنقد الذي انتقد به كلام الأصمعي في «لم يعف رسمها» لا يضير امرأ القيس بشيء إذ يجوز أن الوجه الذي أراده هو الذي قاله أبو عبيدة أو غيره كأن يكون مراده لم يعف رسمها من قلبي لعفائها بالرياح، وقد ذكر ابن الباقلاني هذا الوجه على مزعم منه أنه لم يخطر لامرئ القيس على بال، ومن كلامه أخذه فتأمل.

ومن إسفاف ابن الباقلاني قوله عن بيت خدر عنيزة إنه كلام مؤنث يعيبه بذلك. وذلك موضع حسن له إذ هو تمثيل وتصوير وقول أبي بكر: «نقله من جهته إلى شعره» يشهد بذلك. ليست حكاية كلام النساء في البلاغة بضعف وفي القرآن وهو الإعجاز وذروة بلاغات الكلم من ذلك شواهد، كقوله تعالى: {قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ} الآية. وقوله تعالى: {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} وقال تعالى في خبر نسوة المدينة مع زليخا: {وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ}.

وفي النساء اللاتي ينكر ابن الباقلاني حكاية حديثهن أنفسهن بليغات، وما استنكف أبو الطيب وهو الفحل الذي يستعير ابن الباقلاني من كلامه أن يحاكي ليلى الأخيلية في قولها:

فيا توب للهيجا ويا توب للندى ... ويا توب للمستنبح المتنور

<<  <  ج: ص:  >  >>