إذا ما امتطى الخمس اللطاف وأفرغت ... عليه شعاب الفكر وهي حوافل
وكأن أبا تمام هنا يصف قلمه هو لا قلم ابن الزيات.
ما من حجة ذكرها ابن الباقلاني في نظم القرآن إلا قد أخذها، مع علمه بأقوال البيانيين والجاحظ على الخصوص، أخذ انتزاع من أبيات البحتري هذه لمجيئها مرتبة الحجج منسوقتها نسقًا رشيقًا واضحًا. وقد جزاه على ما ذكر من استحسانه لديباجته وتفضيله فيها على ابن الرومي إن غض مع ذلك من قدره وزعم أن أهل الصنعة قد اتفقوا على تقصيره «مع جودة نظمه وحسن وصفه (أحسبها رصفه) في الخروج من النسيب إلى المديح» (ص ٥٦) وقال (ص ٤٦ (١)) «وهو غير بارع في هذا الباب وهذا مذموم معيب منه» وعندنا أن هذا مذهب من مذهبه له ما يبرره وسنعرض له في بابه إن شاء الله. وتتبع ابن الباقلاني لاميته التي مطلعها:
أهلًا بذلكم الخيال المقبل ... فعل الذي نهواه أم لم يفعل
وبعد أن وصفها بأنها أجود شعره- وقال (ص ٣٣٣)«فنتكلم عليها كما تكلمنا على قصيدة امرئ القيس ليزداد الناظر في كابتنا بصيرة» ومحقق الكتاب السيد أحمد صقر مع شدة إعجابه بالباقلاني وازدياد بصيرته بلا شك في كتابه لما أدمن عليه من درسه لم يعفه في الذي تناول به البحتري من تهمة التجني وأنه حاد عن الجادة. انظر المقدمة من ٩٢ - ٩٥. ومن أمثلة تتبع ابن الباقلاني للبحتري قوله: «البيت الأول في قوله ذلكم الخيال ثقل روح وتطويل وحشو وغيره أصلح