وعذوبة الشعر تذهب بزيادة حرف أو نقصان حرف فيصير إلى الكزازة وتعود ملاحته بذلك ملوحة، وفصاحته عيًّا وبراعته تكلفًا وسلاسته تعسفًا وسلاسته تلويًّا وتعقدًا فهذا فصل (ص ٣٣٥)».
قلت ومع كون هذا المطلع من البحتري ليس من روائع مطالعه (لا ولا هذه القصيدة كلها من درجاته الأولى التي هي في الذروة) ومع أن عجز البيت:
فعل الذي نهواه أو لم يفعل
ضعيف كما ذكر ابن الباقلاني، لا ريب بيت الصنوبري الذي أورده أضعف وآخره آبدة.
قال الأستاذ صقر (ص ٩٣ من المقدمة)«ولست أشك في أن الباقلاني قد حاد عن جادة الصواب عندما حكم بأن بيت الصنوبري أخف من بيت البحتري وغني عن البيان أن بيت الصنوبري ثقيل بالغ الثقل. وحسبه أن يجتمع في شطره الأول «الزور من زور» وأن يكون في شطره الثاني كلمة «الدور» ليأخذ سبيله إلى مستقره في حضيض الشعر الأوهد» أ. هـ. قلت ليس بيت الصنوبري في الحضيض الأوهد. ولكنه مولد من صدر بيت البحتري وعجز بيت لأبي تمام «بشمس لهم من جانب الخدر تطلع» -وهو ظريف بضم الظاء وتشديد الياء ولكن ليس بكبير شيٍء. وكذلك سائر شعر الصنوبري وكان مع ذلك محظوظًا لا يخلو شعره من أن يستشهد به في بعض المواضع- كاستشهاد المعري في رسالة الغفران مثلًا ببيته: