وقد تحدثنا عنها في باب الكامل من البحور. ولا تحتاج إلى كبير تأمل لتحس ما يغمرها من نشوة فرح بالإيقاع وبالتعبير منبعثة من الشاعر إلى نفسه ومنه إليك أيها السامع وأحسب أنه من أجل هذا ما سجد الفرزدق عند قوله:
وجلا السيول عن الطلوع كأنها ... زبر تجد متونها أقلامها
وزعم أنه يعرف سجدة الشعر
وعينية الحادرة:
رحلت سمية بكرةً فتمتع ... وغدت غدو مفارق لم يربع
وعينية سويد:
بسطت رابعة الحبل لنا ... فوصلنا الحبل منها ما اتسع
مع ما فيها من روح أسى بحر الرمل فيها تلذذ من الشاعر بينه وبين نفسه وبينه وبينك أيضًا. وكأن نغمة الأسى الملابس لرثاء النفس فيها يسخر سخرية ما من فخرها، وقد نبهنا من قبل على نوع من هذا المعنى عند حديثنا عن هذه العينية في الجزء الثالث واستشهادنا بقوله في خاتمة أبياتها:
هل سويدٌ غير ليث خادرٍ ... ثئدت أرضٌ عليه فانتجع
وقافية تأبط شرا، مع ما خالطها من بعض الحكمة والتأمل، منزعها الأول