للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس الإفراح ضربة لازمٍ بالثناء. فالفخر قد يقع به الإفراح، وذلك بأن ينقل المفتخر فرح نفسه إليك، فتفرح لترنمه.

ومن أمثلة الشعر الصادر عن نشوة وفرح من نفس الشاعر والسامع معنيٌّ بالمشاركة فيه، ميمية لبيد:

عفت الديار محلها فمقامها ... بمنى تأيد غولها فرجامها

وقد تحدثنا عنها في باب الكامل من البحور. ولا تحتاج إلى كبير تأمل لتحس ما يغمرها من نشوة فرح بالإيقاع وبالتعبير منبعثة من الشاعر إلى نفسه ومنه إليك أيها السامع وأحسب أنه من أجل هذا ما سجد الفرزدق عند قوله:

وجلا السيول عن الطلوع كأنها ... زبر تجد متونها أقلامها

وزعم أنه يعرف سجدة الشعر

وعينية الحادرة:

رحلت سمية بكرةً فتمتع ... وغدت غدو مفارق لم يربع

وعينية سويد:

بسطت رابعة الحبل لنا ... فوصلنا الحبل منها ما اتسع

مع ما فيها من روح أسى بحر الرمل فيها تلذذ من الشاعر بينه وبين نفسه وبينه وبينك أيضًا. وكأن نغمة الأسى الملابس لرثاء النفس فيها يسخر سخرية ما من فخرها، وقد نبهنا من قبل على نوع من هذا المعنى عند حديثنا عن هذه العينية في الجزء الثالث واستشهادنا بقوله في خاتمة أبياتها:

هل سويدٌ غير ليث خادرٍ ... ثئدت أرضٌ عليه فانتجع

وقافية تأبط شرا، مع ما خالطها من بعض الحكمة والتأمل، منزعها الأول

<<  <  ج: ص:  >  >>