إلى الإمتاع بالترنم ومع إمتاع الترنم أيضًا إمتاعٌ بشيء من باب خطابة تكاذيب الأعراب كقوله يصف سرعة جريه:
كأنما حثحثوا حصًّا قوادمه ... أو أم خشفٍ بذي شث وطباق
لا شيء أسرع مني ليس ذا عذرٍ ... وذا جناح يجنب الريد خفاقٍ
وقد زعم تأبط شرا لنفسه قتل السعلاة ونكاح الغيلان وله في الحماسة أبيات رائية يروي فيها أنه قد أحاط به عصبة من اعدائه الهذليين وكان جنى عسلًا في وعاءٍ له فخادعهم بأنه سيسلم نفسه إليهم ولكن يضن عليهم بعسله، فلن يمكنهم من عسله ونفسه معًا وبينما يجاذبهن هذا الأخذ والرد أراق العسل وإنما فعل ذلك ليسهل له الانزلاق على الصخرة الملساء الرهيبة الانحدار فينجو بذلك ولن يجسر أحد من أعدائه على أن يتبع سبيله في مثل هذه المجازفة:
أقول للحيان وقد صفرت لهم ... وطابي ويومي ضيق الجحر معور
هما خطتا إما أسارٍ ومنةٍ ... وإما دمٍ والقتل بالحر أجدر
وأخرى أصادي النفس عنها وإنها ... لمورد حزم إن فعلت ومصدر
فرشت لها صدري فزل عن الحصي ... به جؤجؤ عبلٌ ومتن مخصر
فخالط سهل الأرض لم يكدح الصفا ... به كدحةً والموت خزيان ينظر
فأبت إلى فهمٍ وما كدت آئبا ... وكم مثلها فارقتها وهي تصفر
والحكمة مذهبها أغلب على الشنفري، إلا أن له في لامية العرب المنسوبة إليه أشياء تجري مجرى تكاذيب الأعراب، كصفته الغارة التي أغارها حيث قال:
وليلة نحس يصطلي القوس ربها ... وأقطعه اللاتي بها يتنبل
دعست على غطشٍ وبغشٍ وصحبتي ... سعارٌ وارزيزٌ ووجر وأفكل
فأيمت نسوانًا ويتمت إلدةً ... وعدت كما بدأت والليل اليل