للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصبح عني بالغميصاء جالسًا ... فريقان مسئول وآخر يسأل

فقالوا لقد هرت بليلٍ كلابنا ... فقلنا أذئبٌ عس أم عس فرعل

فلم تك إلا نبأةٌ ثم هومت ... فقلنا قطاةٌ ريع أم ريع أجدل

فإن يك من جنٍّ لأبرح طارقًا ... وإن يك إنسًا ماكها الأنس تفعل

وكصفته مبادرته ومسابقته القطا حيث قال:

وتشرب آساري القطا الكدر بعدما ... سرت قربًا احشاؤها تتصلصل

هممت وهمت وابتدرنا وأسدلت ... وشمر مني فارطٌ متمهل

فوليت عنها وهي تكبو لعقره ... يباشره منها ذقون وحوصل

كأن وغاها حجرتيه وحوله ... أضاميم من سفر القبائل نزل

وكصفته صحبته الذئاب ومنها:

فضج وضجت بالبراح كأنها ... وإياه نوح فوق علياء ثكل

وأغضى وأغضت واتسى واتست به ... مراميل عزاها وعزته مرمل

شكا وشكت ثم ارعوى بعد وارعوت ... وللصبر إن لم ينفع الشكو أجمل

وكأن المعري في رسالة الغفران يصحح رواية هذا البيت للشنفري (١) وقد شك الأولون في هذه اللامية. وأبيات الفريقين المسئول والسائل كأنها مصنوعة لأن روعة القطاة والأجدل لا يناسب ما تقدم وذكر الذئب والفرعل أيضًا وكأن فيه صناعة من أهل اللغة، ومن أجل ذلك ما نسب الانتحال في هذه اللامية إلى خلف ولعل جملة الأبيات صحيحة وفي النفس شيء من بيت الجن، وربما كان سببًا ليصنع البيتان قبله، والكذب في أبيات القطاة صراح ولعل هذا مما يدنو بها إلى الصحة لما فيها من الفكاهة، ولكنها لا تشبه مذهب الشنفري الذي في التائية ولا في أبيات


(١) () رسالة الغفران، ٣٥٨ - عوى وغوت أو عوى وعوت هكذا روايته هناك وكأن شكا أصوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>