للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللامية التي ربما كانت هي الأصل الخالص لها ونسج على منوالها سائر الأبيات بعد، وذلك ما جاء في أولها:

أقيموا بني أمي صور مطيكم ... فإني إلى قوم سواكم لأميل

فقد حمت الحاجات والليل مقمر ... وشدت لطياتٍ مطايا وأرحل

وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى ... وفيها لمن خاف القلى متعزل

ولي دونكم أهلون سيدٌ عملس ... وأرقط زهلول وعرفاء جيأل

هم الأهل لا مستودع السر ذائع ... لديهم ولا الجاني بما جر يخذل

وكل أبيٌّ باسلٌ غير أنني ... إذا عرضت أولى الطرائد أبسل

وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن ... بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل

فالروح التي في التائية أنفاسها ههنا وكذلك البيت الذي أجازه المعري. وعجب ليال من شك القدماء في هذه اللامية وعنده إنها تضمنت أجود الوصف للغازي المنفرد كما التائية تضمنت أجود الوصف للفتاة العربية. وعندنا أن شك القدماء في أيما بيت أو قصيدة ينبغي أن يحمل محمل الجد لقرب العهد منهم بأساليب الجوالة وفراستهم في المصنوع والمطبوع بأكثر مما نقوى نحن عليه الآن.

تأمل قول المعري في رسالة الغفران في حديثه مع تأبط شرا: «فيقول أسنى الله حظه من المغفرة تأبط شرا، أحق ما روي عنك من نكاح الغيلان فيقول لقد كنا في الجاهلية نتقول ونتخرص، فما جاءك عنا مما ينكره المعقول، فإنه من الأكاذيب، والزمن كله على سجية واحدة، فالذي شاهده معد بن عدنان كالذي شاهد نضاضة ولد آدم- والنضاضة آخر ولد الرجل. فيقول أجزل الله عطاءه من الغفران نقلت إلينا أبيات تنسب إليك:

أنا الذي نكح الغيلان في بلد ... ما طل فيه سماكي ولا جادا

في حيث لا يعمت الغادي عمايته ... ولا الظليم به يبغي تهبادا

<<  <  ج: ص:  >  >>