وقد لهوت بمصقولٍ عوارضها ... بكرٍ تنازعني كأسًا وعنقادا
ثم انقضى عصرها عني وأعقبه ... عصر المشيب فقل في صالح بادا
فاستدللت على أنها لك لما قلت تهبادا مصدر تهبد الظليم إذا أكل الهبيد فقلت هذا مثل قوله في القافية:
طيف ابنة الحر إذ كنا نواصلها ... ثم اجتننت بها بعد التفراق
مصدر تفرقوا تفراقًا وهذا مطرد في تفعل وإن كان قليلًا كما في قول أبي زبيد:
فثار الثائرون فزاد منهم ... تقرابًا وصادفه ضبيس
فلا يجيبه تأبط شرا بطائل» أ. هـ.
قلت وقد أجاب تأبط شرا بطائل من أمر الجن وتكاذيب الأعراب، فسكوته ههنا منبئٌ عن توقف المعري وشكه وفي نفسه شيء من مصدر التفعال بكسر التاء والفاء وتشديد العين أن يكون على اطراده في اللغة مما يحسن في الشعر مجيئه، والمعري من المائة الرابعة، ويعد بالنسبة إلى جيل العلماء الذين لقوا أهل الفصاحة متأخرًا الزمان جدًّا، فكيف بنا في هذا الزمان؟
وزعم الدكتور محمد بديع شريف في طبعته للامية العرب (بيروت- ١٩٦٤ م) في مقدمته إننا لا نعرف خبرًا عن انتحال هذه اللامية إلا ما رواه أبو علي القالي في الأمالي عن أبي بكر بن دريد وفرع من ذلك أن الرواية ضعيفة بقول يسنده إلى بروكلمان، والذي لا ريب فيه أن القالي أخذ عن ابن دريد وعليه تتلمذ ومنه أخذ أهل الأندلس ما أخذوا فلم ينسبوه إلى كذب عن شيخه أو في تلمذته، وأبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، أخو دوس كما كناه أبو العلاء في الغفران، كان تلميذ أخي ثمالة محمد بن يزيد المبرد، وهذا خاتمة مدرسة البصرة، وللمستشرقين أحيانًا كثيرة فرط ثقة بأنفسهم وإقدام ليس من حقيقة العلم على شيء، كالترتيب