نظم الإفرنج هذا الطول بمعفيه من أن يعاب ويؤخذ عليه الفتور والملال وما من منظومة إفرنجية طويلة مما نعلمه إلا وهذا العيب فيها ومن أجل ذلك ما نرى أن كلردج زعم زعمه حيث جزم بأن المنظومة ذات الطول لا تستطيع أن تكون لها شعرًا ولا ينبغي أن ينتظر ذلك منها أن تكونه.
شعر التعليم يمتع بإيقاع الوزن ويكسر به من خشونة أمر التحصيل، فهذا يجعله ضربة لازم مختلفًا بما يجيء سرد العلوم فيه منثورًا. ولما كانت الصدور هي أوعية سطور العلوم. كان مكان فائدة النظم بالمنزلة الجلية الواضحة. وقول ابن مالك:
وفعل أمر ومضي بنيا ... وأعربوا مضارعًا أن عريا
من نون توكيد مباشر ومن ... نون إناث كيرعن من فتن
ونحو قوله:
وما للتوكيد كإما منا ... عامله يحذف حيث عنا
ونحو قوله:
ووصل أل بذا المضاف مغتفر ... إن وصلت بالثان كالجعد الشعر
أو بالذي له أضيف الثاني ... كزيد الضارب رأس الجاني
يتضمن حلاوة من إيقاع. وما أشك أن رنة ألفية ابن مالك هي التي رجحت بقدرها على كثير أمثالها وسوغت لصاحبها أن يقول:
وتقتضي رضا بغير سخط ... فائقة ألفية ابن معطي
وهو بسبق حائز تفضيلًا .... مستوجبٌ ثنائي الجميلا
والله يقضي بهبات وافرة ... لي وله في درجات الآخرة
ومما يدلك على أن نظم القصص كان يجري في عرق بلاغة العرب مجرى ما