هل للفتى من بنات الدهر من واق ... أم هل له من حمام الموت من راق
قد رجلوني وما رجلت من شعثٍ ... وألبسوني ثيابًا غير أخلاق
ورفعوني وقالوا أيما رجل ... وأدرجوني كأني طي مخراق
وأرسلوا فتيةً من خيرهم حسبًا ... ليسندوا في ضريح الترب أطباقي
هون عليك ولا تولع بإشفاق ... فإنما مالنا للوارث الباقي
كأنني قد رماني الدهر عن عرض ... بنافذات بلا ريش وأفواق
والقطعة مفضلية روايتها البصرية لابن خذاق والكوفية للممزق وروى ابن الأنباري قال أبو العباس ثعلب الممزق أول من ذم الدنيا. والاضطراب في نسبتها يشهد بقدمها وموضوعها ديني المعدن وثيق الصلة بأمر الموت والدفن والقبر وحكمة القلوب الخالدة. وفي دالية طرفة مشابه من هذه الأبيات القافية وطرفة قديم ليس الممزق ولا ابن خذاق بأقدم منه وذلك قوله:
كريم يروي نفسه في حياته ... ستعلم إن متنا غدًا أينا الصدي
ترى جثوتين من ترابٍ عليهما ... صفائح صمٌ من صفيح منضد
هنا موضع التشبيه بأبيات الممزق أو ابن خذاق وهو ههنا من تأمل نفس الصناعة الدفن وتنضيد الحجارة والذي ذكره الممزق أو يزيد أو من كان قال هذه الأبيات إعدادٌ للدفن من ترجيل وتكفين. ثم هذا الموت الذي ذكر جانبًا من أمره طرفة لم يباعده من نفسه، بل الذي دعا إلى قوله ما قال هو تمثله اقتراب الموت وحرصه على مبادرة اللذات قبل مجيئه بياتًا أو نهارًا أو كما قال:
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي ... عقلية مال الفاحش المتشدد