أرى العيش كنزًا ناقصًا كل ليلة ... وما ينقص الأيام والدهر ينفد
لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى ... لكالطول المرخى وثنياه باليد
وقد خلص موضوع صفة الموت والإعداد للدفن من الجاهلية إلى عصور الإسلام من بعد- ومما يدلك على كثرته في الجاهلية ما نجد من الإشارة إلى موضوعه كما في قول الأسود بن يعفر:
ولقد علمت سوى الذي نبأتني ... إن السبيل سبيل ذي الأعواد
إن المنية والحتوف كلاهما ... يوفي المخارم يرقبان سوادي
عن أبي عبيدة أنه أراد بذي الأعواد جد أكثم بن صيفي وكان من أعز أهل زمانه، فيما روى ابن الأنباري وقال:«فيقول لو أغفل الموت أحدًا لأغفل ذا الأعواد وأنا ميت إذ مات مثله، ويقال أراد بذي الأعواد الميت لأنه يحمل على سرير أي إني ميت كما مات غيري» أ. هـ. قلت والوجهان متقاربان. وأشبه بالسياق أن يكون معنى سبيل ذي الأعواد أي سبيل هذه الأعواد، إذ كانوا يحملون الميت على أعواد، وهو قول كعب بن زهير:
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته ... يومًا على آلة حدباء محمول
وذكروا أن الحمل على النعش وهو سرير إنما تعلمه الناس من الحبشة وإن أول من حملت عليه زينب أم المؤمنين رضي الله عنها في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهذا الخبر يدل على حداثة عهد العرب بالنعش، وفي شعر المهلهل:
كأن الجدي جدي بنات نعشٍ ... يكب على اليدين بمستدير
فهذا يدل على قدمه، أو أن كل ما يحمل عليه الميت يسمى نعشًا أو لعل أهل الحجاز استعملوا النعش الذي كالسرير بأخرة. والنعش ربما أطلق في اللغة على سرير