وصف فيها أمر الحنوط والإدراج والتكفين وقال فيها:
وخلعوني قديمًا كنت لابسه ... وألبسوني جديدًا اسمه الكفن (١)
صلوا علي صلاةً لا ركوع بها ... آخر صلاةٍ من الدنيا فيا حزني
وشعر الرثاء من أقدم الشعر سبقًا لما فيه من عناصر الشعبية الجماعية والدين والحكمة والمواعظ الطبيعية المعدن البسيطة المسالك.
فالعنصر الشعبي من الرثاء بمثله النوح ومنه قول ابنة أبي المسافع:
وما ليث غريفٍ ذي أظافير وأقدام ... كحبي إذ تلاقوا ووجوه القوم أقران
وقد وصف كعب بن زهير النائحة إذ وصف ناقته فقال:
كأن اوب ذراعيها إذا عرقت ... وقد تلفع بالقور العسا قيل
شد النهار ذراعًا عيطلٍ نصف ... قامت فجاوبها نكدٌ مثاكيل
نواحة رخوة الضبعين ليس لها ... لما نعى بكرها الناعون معقول
وكأن كعبًا وصف النائحة من أجل التلميح إلى ما خوفه به أعداؤه من أنه سيقتل فشبه ناقته بالنائحة التي ستنوح عليه- وذلك قوله:
يسعى الوشاة جنابيها وقولهم ... إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول
وقد كان من عادة الجاهلية أن يقيموا على فقبر المرء ناقته بعد أن يقطعوا مشافرها ويقيدوها فتموت عطشًا فيزعمون أنه يفعل هذا بها لتكون مهيئة له يركبها حين يبعث. وفي القرآن ما يدل على أن زنادقة قريش كانوا ينكرون البعث- قال تعالى: {وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا
(١) () هكذا بالألف واللام ينشدونه وتكون الياء في آخره ترنمًا وكأنها ياء نسبة ويجوز أن صحة الرواية: كفني بلا تعريف بالأداة ولكن بالإضافة إلى ياء المتكلم.