فكنت النهار به شمسه ... وكنت دجى الليل فيه الهلالا
وقد ترى أنها لم تترك القائل من البديعين من مقال في قولها «مفيتًا» تريد به النفوس و «مفيدًا» تريد به المال مع ما ترى من صناعة الجناس وكذلك جعلها إياه شمس النهار وهلال الليل. وسمى ابن رشيق هذا من صناعتها التسهيم وذكر فيه اختلافًا وأنه الذي يسميه قدامة التوشيح (٢/ ٣٢ من العمدة) وأورد الأبيات الغرناطي في شرح المقصورة تفسيرًا للتوشيح والتسهيم قال: «قلت وقد شرح بعض المتأخرين معنى هذه القصيدة فقال التسهيم أن يكون صدر الفقرة أو البيت مقتضيًّا لعجزه ودالًا عليه بما يستدعي المجيء به ليكون الكلام في استواء أقسامه واعتدال أحكامه كالبرد المسهم في استواء خطوطه»(شرح مقصورة حازم الغرناطي طبع القاهرة سنة ١٣٤٤ - ج ١ - ص ٢٩).
وقال الغرناطي عن الخنساء (نفسه ٢/ ١٢٨)«وأجمع أهل المعرفة بالشعر أنه لم تكن امرأة قط قبلها ولا بعدها أشعر منها» والحق أن رثاءها يتجاوز التفضيل على بنات جنسها فقط، وهي من مجموعة ما رثت به أشعر من جملة أصحاب المراثي وإنما يتقدم منهم عليها بالطويلة الواحدة، كقصيدة متمم في مالك وأعشى بأهله في المنتشر وكعب بن سعد في أخيه، على أن في تقديم هذه الطوال عدا عينية متمم،