فوالله ما أسقى الديار لحبها ... ولكنني أسقي الحبيب المودعا
تقول ابنة العمري مالك بعدما ... أراك حديثًا ناعم البال أفرعا
فقلت لها طول الأسى إذ سألتني ... ولوعة حزنٍ تترك الوجه أسفعا
وفقد بني أم تداعوا فلم أكن ... خلافهم أن أستكين وأضرعا
قعيدك ألا تسمعيني ملامةً ... ولا تنكئ قرح الفؤاد فييجعا
وكلمة أبي ذؤيب العينية فيها مذهب الهذليين من ضرب الأمثال. وقد مر بك تناولنا لها في معرض الحديث عن البحر الكامل وذكرنا مقال عمر رضي الله عنه لما أخذ أبو ذؤيب في أمثاله من عند قوله:
والدهر لا يبقى على حدثانه ... جون السراة له جدائد أربع
«سلا أبو ذؤيب» ونرجع ههنا عن كثير مما دفع إليه تطرف الشباب من الأخذ على أبي ذؤيب في بعض ما قلناه. من ذلك مثلًا بيته:
قصر الصبوح لها فشرج لحمها ... بالني فهي تثوخ فيها الإصبع
إذ عابه الأصمعي وقال «هذا من أخبث ما نعت به الخيل» والحق أنه لا ينبغي أن يؤخذ على أبي ذؤيبٍ ههنا غير المبالغة حيث قال «فهي تثوخ فيها الإصبع» وله من نعت تربية الفرس بالسمن قبل التضمير نماذج حسنة في قول زهير:
غزت سمانًا فآبت ضمرًا خدجا ... من بعدما جنبوها بدنا عققا
وقال سلامة بن جندل وكان فارسًا عالمًا بالخيل:
تظاهر الني فيه فهو محتفلٌ ... يعطي أساهي من جري وتقريب
والذي ذكره سيدنا عمر من نقد أبي ذؤيب باق إلا أن الذي عرفه قدامة وابن رشيق والمفضل وأشياخه من قبل من جمال ما نعته ينبغي أن يعرف ولعلنا -إن وجدنا مجال ذلك- أن نورد منه عند الحديث عن الأوصاف. وقد نبهنا بالرغم مما