كنا أخذناه من مآخذ على أبي ذؤيب، على جودة وصفة الفارسين المتبارزين في آخر القصيدة وهو قوله نورده ههنا وافيًّا:
والدهر لا يبقى على حدثانه ... مستشعرٌ حلق الحديد مقنع
حميت عليه الدرع حتى وجهه ... من حرها يوم الكريهة أسفع
تعد به خوصاء يفصم جريها ... حلق الرحالة فهي رخوٌ تمزع
فهذه حالها إذ هو يقاتل بها ثم وصف حالها قبل التضمير لينبه على حسن تربيته وصنعه لها:
قصر الصبوح لها فشرج لحمها ... بالني فهي تثوخ فيها الإصبع
متفلق انساؤها عن قانيءٍ ... كالقرط صاوٍ غبره لا يرضع
تأبى بدرتها إذا ما استغضبت ... إلا الحميم فإنه يتبضع
قلت وقد سبق أن تابعنا في عيب هذا البيت مذهب أبي سعيد حيث قال «غلط أبو ذؤيب في هذا البيت لأنه لم يكن صاحب خيل» والذي ذكره أبو عبيدة أشبه وقد ذكرناه إلا إننا عبناه بأن فيه تكلفًا، وليس فيه إلا المبالغة وهي من القول مذهب فكان بنا أولى ألا نعيبه.
بينا تعنقه الكماة وروغه ... يومًا أتيح له جريءٌ سلفع
يعدو به نهش المشاش كأنه ... صدعٌ سليم رجعه لا يظلع
الصدع الفحل من الوعول بفتح الصاد والدال والنهش بفتح فكسر الخفيف
فتناديا وتواقفت خيلاهما ... وكلاهما بطل اللقاء مخدع
متحاميين المجد كل واثقٌ ... ببلائه واليوم يوم أشنع
وعليهما مسرودتان قضاهما ... داود أو صنع السوابغ تبع
وكلاهما في كفة يزنيةٌ ... فيها سنانٌ كالمنارة أصلع