لأنهم مقبلون عليه أما من هم فيه أو تجاوزوه فقد استمر بهم سبيل الفناء.
أتجزع مما أحدث الدهر بالفتى ... وأي كريم لم تصبه القوارع
وأثر الإسلام في هذه القصيدة لا يخفى. وأحسب أن فيها أبياتًا إما أصابها اضطراب في الرواية أو هن عليها مقحمات. ومكان الإيطاء في بيتي الودائع في النفس منه شيء- أسقطت بينهما أبيات؟ وقوله:
وما المال والأهلون إلا ودائع ... ولا بد يومًا أن ترد الودائع
مما اشتهر وجرى على الألسن وفي التعازي مجرى المثل.
وقد سلك الدكتور طه رحمه الله في تقديمه لبيدًا مذهبه الذي سلك من قبل إذ قدم المعري في داليته:
غير مجدٍ في ملتي واعتقادي ... نوح باكٍ ولا ترنم شادي
وشبيه صوت النعي إذا قيس ... بصوت البشير في كل نادي
أبكت تلكم الحمامة أم غنـ .... ـت على فرع غصنها المياد
على أبي الطيب، وخاصة في عمق تأمله الفناء حيث قال:
زحلٌ أشرف الكواكب دارًا ... من لقاء الردى على ميعاد
ولنار المريخ من حدثان الدهـ ... ـر مطف وإن علت في اتقان
والثريا رهينة بافتراق الشـ ... مل حتى تعد في الأفراد
ولو كان هذا القول جاهليًّا لكان من قائله تأملًا عميقًا بل شاذًا إذ كانت النجوم عندهم معبودة. وقول لبيد «وما تبلى النجوم الطوالع» جار على مذهبهم وهذا قبل إسلامه. وقد نص القرآن على فناء كل شيء، السماء تتفطر، والكواكب تنتثر، والجبال تكون هباء، فالمسلم إذا ذكر فناء الكواكب ونحوها إنما يجيء بذلك على