العزاء، مستكنة وراء هذه الصفة التي يتحسر فيها على المصير الذي كان ينتظره مع آخرين كانوا في مثل حالة من القيد وتوقع القتل والصلب.
وازن بين هذا وبين رثاء الشنفري يده لما احتزت وألقيت بين يديه:
لا تبعدي إما هلكت شامه ... فرب خرقٍ قطعت عظامه
فرب خرقٍ قطعت قتامة
وههنا لطلاب البديع مكان نظر- الخرق بكسر الخاء وصف للرجل السخي الكريم ومثل هذا يكون فارسًا بطلًا فالشنفري يفخر بأنه يقتله والخرق بفتح الخاء الصحراء والقتام الغبار.
ووازن أيضًا بين كلام عدي وقول الشنفري في الأبيات الرائية:
لا تقبروني إن قبري محرم ... عليكم ولكن أبشري أم عامر
إذا احتملوا رأسي وفي الرأس أكثري ... وغودر عند الملتقى ثم سائري
هنالك لا ارجو حياة تسرني ... سجيس الليالي مبسلًا بالجرائر
موضع الموازنة قوله «هنالك لا أرجو حياةً تسرني» - فهذا يشبهه ويشبه قول عدي «ذلك خير من فيوج إلخ» - أي مضى زمن السرور وجاء بعده هذا الضيق والكرب العظيم. لكن عديًّا منكسر النفس فحسراته والشنفري متجلد وهو النعت الذي نعته به المعري وهو بين أيدي الزبانية في سعير جهنمه.
وعلى منهج عدي في أينيته التي يقول فيها:
أين كسرى كسرى الملوك أنوشر ... وإن أم أين قبله سابور