للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكمي عدلا يكن بيننا ... أو أنت فيما بيننا فاحكمي

وجالسيني مجلسًا واحدًا ... من غير ما عار ولا مأثم

وخبريني ما الذي عندكم ... بالله في قتل امري مسلم (١)

فهذه "مشاغبة" لامراء ولهذه الأبيات قصدة طريفة ذكرها صاحب الأغاني (٢). وأكثر كلام ابن أبي ربيعة من قبيل هذا العبث، ولذلك كان هذا البحر من أطوع البحور له، وأشدها ملاءمة لأغراضه ومعانيه. وقد نفق عند معاصريه وطبقات المتحضرين التي تلتهم حتى صار إلى حوالي نهاية القرن الثالث من الأوزان الشائعة المألوفة. وسأورد عليك منه أمثلة من شعر المائة الأولى، ثم أتبعها بأمثلة من شعر القرنين اللذين تلواها. خذ قول العرجي، وهو من جيل ابن أبي ربيعة (٣):

عوجي علينا ربة الهودج ... إنك إن لا تفعلي تحرجي

إني أتيحت لي يمانية ... احدى بني الحرث من مذحج

نلبث حولا كاملا كله ... لا نلتقي إلا على منهج

في الحج إن حجت وماذا منى ... وأهله إن هي لم تحجج

وقد قلد هذه الأبيات أبو نواس في كلمته (٤):

وعاشقين التف خداهما ... عند التثام الحجر الأسود

نفعل في المسجد ما لم يكن ... يفعله الأبرار في المسجد


(١) الأغاني ١٠ - ٢٠٥ - في الأصل "في آية المحكم" وهو وهم، وصوابه من طبعه بولاق.
(٢) نفسه، راجع ١ - ٢٠٤ - ٢٠٧.
(٣) نفسه ١ - ٤٠٦ - ٧٧.
(٤) حديث الأربعاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>