ثم يقول الرندي، وههنا موضع استشعار الضيعة؛ لأن سائر المسلمين قد عجزوا عن نصر الأندلس وأسلموها للفكر وهي تستغيث وهم ينظرون وقد توهم الرندي فيهم قدرة، إذ ذلك أقل ما كان يقتضيه إياه أمل المؤمن:
يا راكبين عتاق الخيل ضامرةً ... كأنها في مجال السبق عقبان
وحاملين سيوف الهند مرهفةً ... كأنها في ظلام النقع نيران
وراتعين وراء البحر في دعةٍ ... لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطان
ههنا موضع الأمل ورتب عليه ما جاء بعد من عتاب واستجاشة، وصيحة غريق عز عليه سبيل النجاة:
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ ... فقد سرى بحديث القوم ركبان
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم ... قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
ماذا التقاطع في الإسلام بينكم ... لا أنتم يا عباد الله إخوان
وكانوا في هول المصائب والخطر المحدق إخوانًا، وقد تخون الإفرنج أطراف المغرب، ثم ثبت الله سبحانه وتعالى أقدام المسلمين فانتصروا في وادي المخازن وأخرجوا العدو من سواحلهم التي على البحر الغربي:
ألا نفوسٌ أبياتٌ لهم همم ... أما على الخير أنصارٌ وأعوان
ولو نصبت فقلت ألا نفوسًا أبياتٍ لكان وجهًا:
يا من لذلة قومٍ بعد عزهم ... أحال حالهم كفرٌ وطغيان
وهذه عبارة صادقة إذ كان في ملوك الطوائف كفر بأنعم الله وطغيان. وكان في مردة الصليبيين أيضًا كفر وطغيان: