أحسبه ههنا قد أخطأ، إلا أن يكون أراد محض حقيقة الأشخاص والمدائن اليونانية القديمة أو جعل اليونان والروم شيئًا واحدًا. إذ قد بقيت آثار يونان الفكرية بقاءً ظاهرًا حسبك منه اسما أرسطو وأفلاطن.
وانفذت في كليب حكمها ورمت ... مهلهلًا بين سمع الأرض والبصر
ودوخت آل ذبيان وأخوتهم ... عبسًا وعضت بني بدر على النهر
يشير إلى مقتل حذيفة وحمل ابني بدر الفزاريين عند جفر الهباءة. وفي ذكره أخبار الجاهلين وبطولاتهم قارنًا لها بما فني من آثار يونان مناسبة عظيمة، وقد كان عالمًا ببعض ما كان لليونان والروم من أخبار بطولات وأساطير فساق هذا من أخبار العرب ليضاهيه بها وكما قدمنا تجد في تعديده لهذه الأخبار نوعًا من قصد إلى المتعة والتلذذ- تأمل قوله:
ولم ترد على الضليل صحته ... ولا ثنت أسدًا عن ربها حجر
يشير إلى مصرع امرئ القيس وشكواه المرض في شعره حيث قال:
فلو نها نفس تموت جميعة ... ولكنها نفس تساقط أنفسًا
وإلى قول امرئ القيس:
بقتل بني أسد ربها ... إلا كل شيء سواه جلل
ثم يقول ابن عبدون:
وألحقت بعدي بالعراق على ... يد ابنة أحمر العينين والشعر
يشير إلى خبر انتقام زيد بن عدي بن زيد العبادي لمصرع أبيه وقوله للنعمان إذ استقدمه كسرى بمكيدته ليقتله:«انج نعيم ولا أخالك بناج» وقوله: «قد أخيت لك اخيةً لا يقطعها المهر الأرن»، أي ربطتك بعقدة لا يقطعها المهر النشيط قالوا فأمر به كسرى فألقي تحت الفيلة.