للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الملك ينازعه الخلافة، وبيته كان في الجاهلية أشرف من بيت آل أبي العاصي، فما كره عبد الملك حتى ظفر به وأوثقه كتافًا وذبحه بيده وهو يتمثل:

يا عمرو ألا تدع سبي ومنقصتي ... أضربك حتى تقول الهامة أسقوني

قالوا وكانت أخته تحت الوليد بن عبد الملك، فخرجت لما بلغها مقتله حاسرة تبكيه وترثي مصرعه وتقول:

أيا عين جودي بالدموع على عمرو ... عشية جانبنا الخلافة بالقهر

غدرتم بعمرو يا بني خيط باطل ... وكلكم يبني البيوت على غدر

وما كان عمرو عاجزًا غير أنه ... أتته المنايا بغتةً وهو لا يدري

كأن بني مروان إذ يقتلونه ... خشاشٌ من الطير اجتمعن على صقر

لحى الله دنيا تعقب النار أهلها ... وتهتك ما بين القرابة من ستر

ألا يا لقومي للوفاء وللغدر ... وللمغلقين الباب قسرًا على عمرو

فرحنا وراح الشامتون عشيةً ... كأن على أعناقهم فلق الصخر

ولما بلغ ابن الزبير رضي الله عنهما مقتل عمرو بن سعيد قال في خطبة له: «أن أبا ذبان قتل لطيم الشيطان، وكذلك نولي بعض الظالمين بعضًا بما كانوا يكسبون». وكأن الراجح عندي أن هذه كانت ألقابًا لهما في الصغر، كان في عمرو عيبٌ في شدقه فسمي لطيم الشيطان، ثم قيل له الأشدق وكان مفوهًا فقالوا ذلك لخطابته، وهذا جائز وكأنه محول عما كان يسب به في الصبا. وكذلك قولهم لعبد الملك أبو ذبان، وشبه هذا بحال الصبا قوي. وما أحسبه كان يعلم هذا من لقبه لولا مقال آل الزبير وكان لهم بالنسب والمثالب علم غزيرٌ أصل ذلك من جدهم الصديق رضي الله عنه فقد كان عالم قريش بالنسب. وقوله «ذي البخر» فقد ذكروا أن عبد الملك كان أبخر وأن جارية له لما ناولها تفاحة كان هو عضها أماطت موضع عضته بالسكين لبخره، وما أشبه هذا أن يكون مصنوعًا، إذ فيه مداخلة لعبد الملك في

<<  <  ج: ص:  >  >>