من الرثاء مثل أمثالية أبي العتاهية ونحو قول أبي الطيب:
أرق على أرق ومثلي يأرق ... وجوى يزيد وعبرة تترقرق
ولقد بكيت على الشباب ولمتي ... مسودة ولماء وجهي رونق
حذ ١ رًا عليه قبل يوم فراقه ... حتى لكدت من المدامع أشرق
أين الأكاسرة الجبابرة الألى ... كنزوا الكنوز فما بقين ولا بقوا
ونحو لامية ابن الوردي من كلمات متأخري عصر المحدثين:
وزعم أحمد أمين أن العرب سطحيون لا يتعمقون في التأمل- هذا معنى بحث بسطه في فجر الإسلام. وما اجدر هذا الذي زعمه أن يكون غير صحيح. وما عرفت اليونان التوحيد وتقواه على عمق ما تفلسفوا به. وما يتهمون بضحالة الفكر من أجل جهلهم التوحيد. ولا يصح وصف عمق التدين بالسطحية لخلوه من مذاهب فلسفة سقراط وأفلاطون وفيثاغورث وهلم جرا. وكان العرب على شركهم عارفين بالله موحدين له في أعماق معاني تدينهم يدلك على ذلك قوله تعالى:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر] وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}[يونس] وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ}[يونس] وقال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} [الأنعام] تفكير مفكريهم كان من معدن التدين الأصيل كآخر معلقة زهير وكأبيات سلمى بن ربيعة التي أولها «إن شواءً ونشوة» وكدالية الأسود بن يعفر والشواهد بعد كثير. مثل هذا التفكير لا يصح أن يوصف بأنه سطحي. ومما يعجب في هذا الباب كلمة لقس بن ساعدة