بها جيف الحسرى فأما عظامها ... فبيضٌ وأما جلدها فصليب
غير أن الحسرى هنا بشر- لا بل أبطال من أهل الفتح والجهاد:
ومن سرابيل أبطال مضرجةٍ ... ساروا إلى الموت لا خاموا ولا ذعروا
بقندهار ومن تكتب منيته ... بقندهار يرجم دونه الخبر
وقد كان أحمد أمين رحمه الله يتعاطى في طلب الموضوعية إذ يدرس حضارة العرب والإسلام مذهبًا كأنه على شفا جرفٍ هارٍ موقعٍ، من حيث لا يدري المرء، في حمأة الشعوبية وما يشك أنه قصد إلى بذل غاية الجهد في خدمة العلم، ورب مجتهد مخطئ فله أجر وآخر مجتهد مصيب فله أجران وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر وهو المرفق إلى الصواب.
هذا والضرب الرابع من الرثاء هو شعر الثأر تتحول فيه لوعة الحزن فتصير غضبًا، أو كما قال أبو الطيب وهو حكيم:«فحزن كل أخي حزن أخو الغضب» ومن يقوى على أن يغضب على تصرف القضاء؟ فهذا مكان الصبر والاحتساب.
والغضب -الذي مع حزن فقدان القتيل- كما هو فرديٌّ هو أيضًا جماعي فيه عنصر ديني من عبادة الهامة والصدى وهو طائر يخرج من رأس القتيل فيظل عطشان يصيح اسقوني اسقوني حتى يدرك بثأر القتيل. وزعم ابن الزبعري أن من قتلوا بأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عكفت تشرب من دمائهم هامات من أدركت قريش بثأرهم من قتلى بدر وشبه ضخامة أصدائها لضخامة أربابها كأبي جهل وأمية بن خلف وابني ربيعة. وابني حجاج بالحجل- قال: