وساكن المهراس حمزة وقد جاءت أصداء من قتل وهامهم تلغ في دمه الزكى وعن الأصمعي أن العرب كانت تعتقد أن العطش يكون في الرأس. وقال الشاعر وهو جاهلي قديم:
دارت رحانا قليلًا ثم صبحهم ... صرب يصيح منه جله الهام
فهذا يعني أنه ترك منهم قتلى تصيح طيرهم تطلب بالثأر ولن يقدروا هم على إدراكه، وهذا عكس مراد ابن الزبعري، يدلك قوله:
قد جزيناهم بيومٍ مثله ... وأقمنا ميل بدرٍ فاعتدل
التشديد في «يصيح» للتكثير.
ابطل الإسلام عقيدة العرب في الهامة والصدى وما أشبه كالصفر:
قال أعشى باهلة «ولا يعض على شرسوفه الصفر» وهو ثعبان يعض شرسوف الجائع والشرسوف ما تسميه الدارجة عندنا الشرسوف بشينين معجمتين كغلطهم في الشمس يحيلونها بشينين وميم مكسورة، والشرسوف هوما يسميه التشريحيون بالحجاب الحاجز وفي شعر جرير الحجاب «أصاب القلب أو هتك الحجابا» في الدماغة.
على أن الإسلام أقر القصاص وفيه نوعٌ من درك الثأر إلا أن الإسلام ذكر العفو ونهى عن الشطط. قال تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} وقال تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} وقال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَه} آية المائدة وما قبل من البقرة.
أمر العدالة في الاقتصاص من القاتل عمدًا كأنه من الأمور الفطرية