للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي لا تردوا إلا آخر آخر. ارتملت تلطخت. وإذا وردوا عند اغتسال النساء من حيضهن فذلك كناية عن المذلة. وكانت العرب إذا أرادت الثأر لم تمس النساء ولا الخمر حتى تدركه. فقد جعلتهم بعدم إدراك الثأر من النساء وتبعًا لهن، لا حماة كماة أي لا تردوا إلا الفضول كما تفعل النساء عندما يغتسلن من الحيض وفي ترك النساء من أجل الثأر يقول الربيع بن زياد:

أفبعد مقتل مالك بن زهير ... ترجو النساء عواقب الأطهار

وقصيدة عمر بن معد يكرب الحماسية التي أولها:

ليس الجمال بمئزرٍ ... فاعلم وأن رديت بردا

إن الجمال معادن ... ومناقبٌ أورثن مجدا

من تأملها وجدها ثأرية، ولعلها ذات صلة ما بمقتل أخيه- ويقول في آخرها:

كم من أخٍ لي صالحٍ ... بوأته بيدي لحدا

ما أن جزعت ولا هلعت ... ولا يرد بكاي زندا (١)

ألبسته أثوابه ...

عني بهذا بلا ريب التكفين

وخلقت يوم خلقت جلدا

أغني غناء الذاهبين ... أعد للأعداء عدا

ذهب الذين أحبهم ... وبقيت مثل السيف فردا

وشعر الثأر كثير. ويداخله الرثاء والحكمة كما يداخله الفخر ووصف الحرب وأداتها وسلاحها. وعندي أن الذي يذكره القدماء من نسبة تطويل الشعر إلى المهلهل أصله


(١) () أي لا يرد شيئًا ومن قال «زيدا» وزعم أنه زيد بن الخطاب فقد باعد جدًّا والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>