للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا، واختلفوا في الهلهلة فجعلها بعضهم من الاضطراب لقول النابغة:

أتاك بقول هلهل النسج كاذب ... ولم يأت بالحق الذي هو ناصع

وجعلها بعضهم من الجودة وينصره قول الفرزدق «ومهلهل الشعراء ذاك الأول» ولا يصح أن يفتخر بما هو مضطرب وما أشبه أن يكون صحيحًا قول من قال إنه سمي المهلهل بقوله:

لما توقل في الكراع شريدهم ... هلهلت اثار جابرًا أو صنبلًا

ذلك بأن صدر هذا البيت متعدد الروايات مضطر بها وما احتفظ به إلا القديم دلالة فيه والله أعلم.

وأن يكون أمر الثأر أول ما ارتبط به تطويل القصيد قريب من القبول عند التأمل لذلك، لما في شعر الثأر من سعة مجال القول فخر ورثاء وحماية حريم، وهذا يداخله الغزل، وحكمة وعظات. وعسى هذا من أمر شعر الثأر أن يفسر لنا بداية دريد بن الصمة رثاءه أخاه بالنسيب حيث قال:

أرث جديد الحبل من أم معبد

فقد ذكر فيها أنه فزع إلى أخيه والرماح تنوشه، ومن عادة العرب إذا تحمست للقتال أن تذكر النساء والفتوة.

وقد أشرنا إلى لامية تأبط شرا من طويلات قصائد الثأر وكلمة سعد بن مالك:

يا بؤس للحرب التي ... وضعت أراهط فاستراحوا

فق التحريض على المهلهل لما بغى وحض قبائل بكر لتدرك ثأرها منه، وسعد هذا في نسب طرفة بن العبد جد أبيه فيكون طرفة على حداثة سنه المذكورة قد كان أبوه أيضًا حين أنجبه صغير السن، لمعاصرة سعد بن مالك لزمان المهلهل، على أنه يجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>