أن يكون قد قال هذه الكلمة وهو شاب، وهي سن الحرب والقتال. وقد لازم فيها خذلان حنيفة ويشكر لبني شيبان، أما حنيفة فقد كانت ديارهم باليمامة بعيدة عن مكان القتال، أما يشكر فقد دخلت في غمار الحرب بعد مقتل بجير وقول الحرث كلمته:
قربا مربط النعامة مني ... إن قتل الرجال بالشسع غالي
وشعر الثأر كثير ومن أشهره شعر المهلهل وقد مر استشهادنا بأبيات من رثائه كليبًا في باب التكرار من الجزء الثاني من قصيدته «أليلتنا بذي حسم أنيري» وزعم الأصمعي أن لو كان له خمس مثلها لعده في الفحول ولا يضيره ذلك إذ قد عده الفرزدق أولهم.
وذكرنا من رثائه كليبًا في باب القوافي في الجزء الأول واختار له صاحب جمهرة الأشعار قافية من السريع -هذا ومن مختاراته أي شعر الرثاء والثأر كلمة عبد الشارق بن عبد العزي الجهني:
ألا حييت عنا يا ردينا ... نحييها وإن كرمت علينا
أي حييت تحية الوداع، والمحبوبة أكثر ما تكون -على عادة الشعر- من نساء العدو
ردينة لو رأيت غداة جئنا ... على أضماتنا وقد اختوينا
على أضماتنا أي على غضبنا جمع أضم محركة وقد أسرعنا إلى لقاء العدو. من اختوى البلاد إذا قطعها -أي وقد جاوزنا بلادًا من الأرض. وفي الكتاب الذي وسم بشرح التبريزي في عنوانه وهو شرح حديث اختوينا أي تركنا الطعام وليس من الحزم أن يقاتل المرء جائعًا ويجوز على معنى الضمور والإقلال من الزاد وفيه بعد. والذي قدمنا يناسبه السياق، أي جئنا من بلاد بعيدة فأرسلنا ربيئة ليحزر لنا العدو وليكون طليعة وعينا وهكذا كانوا يفعلون في الحروب وفي خبر بدرٍ تفصيل يوضح هذا.
فأرسلنا أبا عمرو ربيئًا ... فقال ألا انعموا بالقوم عينا