قعود لدى الأبواب طلاب حاجةٍ ... عوانٍ من الحاجات أو حاجةً بكرا
فلما خشيت أن يكون عطاؤه ... أداهم سودًا أو محدرجة سمرا
أي قيودًا أو سياطًا.
فزعت إلى حرفٍ أضر بنيها ... سرى الليل واستعراضها البلد القفرا
فذكر فراره من زياد ووصف الناقة، لا تخلو الناقة من رمز إلى همته هو نفسه ونشاطه في الفرار. وفي نعت ظمياء بعض الرمزية من نفسه إلا أن عظمها أراد به قريشًا وسعيدًا- كقوله في صفة ظمياء وتشبيهها بالظبية:
أصابت بأعلى ولو لين حبالةً ... فما استمسكت حتى حسبت بها نفرا
أي أصابت حبالة صائد ففزعت منها أن يقع فيها ولدها فما استمسكت تتأمل الحبالة حتى رأيت النفور في وجهها. وههنا نوعٌ من الوحي الخفي إلى حال خوفه هو من حبالة زياد وخوف ظمياء عليه أن يقع فيها وظمياء كما فسرنا.
وقول كعب بن زهير في ناقته:
تسعى الوشاة جنابيها وقولهم ... إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول
يقوي ما نقول به من الرمزية في مثل هذه المواضع.
هذا والضرب الثاني من النسيب هو الوصف وقد ذكرنا أوصاف شعراء العرب للهيفاء والبادنة وما يلابس ذلك من عمدٍ إلى صناعة تماثيل ببيان الألفاظ وبلاغة الشعر. وقد بطل التمثال في شعر الإسلام إلا قليلًا، فصرت لا ترى جسم بادنة أو هيفاء، ولكن تسمع أصوات الأحاديث وحلاوة الغزل أو حرارة الصبابات وعلى ذلك مذهبا عمر وجميل، ثم جاء البديع بزخارفه. ونفر الناس بروح محافظة الدين عن