ويجري مجرى الوشي اللفظي الذي حل محل الأوصاف ذات الحيوية في نعت النساء، وشي الأفكار والمعاني كقول إبراهيم بن المهدي:
إذا كلمتني بالعيون الفواتر ... رددت عليها بالدموع البوادر
فالحديث هنا قد اختفى والمعنى قديم ولكن تناوله ههنا حضاري المعدن.
فلم يعلم الواشون ما دار بيننا ... وقد قضيت حاجاتنا بالضمائر
أقاتلي ظلمًا بأسهم لحظها ... أما حكم يقضي على طرف جائر
فلو كان للعشاق قاضٍ على الهوى ... إذن لقضى بين الفؤاد وناظر
والصناعة الفكرية واضحة في هذا.
وقد جر فرط النفور من نعت النساء ذي الحيوية من أجل هذا التزمت والتنطس الحجابي المحافظ إلى استبداله بنعت الغلمان، وأحسبه كان أول الأمر كثير منه جاريًّا مجرى الكناية. وفي ترجمة ابن المعتز لأبي نواس ما يفيد في بعض هذا المعنى غير أنه قد اتلأب طريق الغزل بالغلمان، حتى صار مهيعًا مسلوكًا، نحو قول الفتح بن خاقان الأندلسي في قلائده في ترجمته للمعتمد بن عباد: «وله في غلام رآه يوم العروبة من ثنيات الوغى طالعًا، ولطلا الأبطال قارعًا، وفي الدماء والغًا، ولمستبشع كنؤس المنايا سائغًا، وهو ظبي قد فارق كناسه، وعاد أسدًا صارت القنا أخياسه، ومتكاثف العجاج قد مزقه إشراقه، وقلوب الدارعين قد شكتها أحداقه، فقال:
أبصرت طرفك بين مشتجر القنا ... فبدا الطرفي أنه فلك